بحث دور التسيير الفعال لموارد وكفاءات المؤسسة في تحقيق الميزة التنافسية
مـنـديــــــــــــــــــات أنيـــــم :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى العلوم الإقتصادية و علوم التسيير
صفحة 1 من اصل 1
بحث دور التسيير الفعال لموارد وكفاءات المؤسسة في تحقيق الميزة التنافسية
طرح الإشكالية
.
لقد أثرت لا تزال سرعة التغيرات الحاصلة في الاقتصاد العالمي على معظم الاقتصاديات س واء تلك
المصنفة ضمن الدول المتقدمة أو الدول النامية، وإن كانت بدرجات متفاوتة؛ وبغية مواجهة هذه التحولات
الجديدة المتميزة أيضا بالديناميكية أصبح من الضروري انتهاج سبيل التنافسية وتحقيق مزايا تنافسية من طرف
المؤسسات وهذا من أجل تحقيق هدف البقاء والاستمرارية.
أدى دخول الاقتصاديات إلى عصر العولمة ومحاولة اندماجها فيه إلى تغير ملامح الاقتصاد العالمي؛ فقد
ظهرت صناعات جديدة، وتعاظمت أهمية وإنتاجية القوة العقلية والمهارات البشرية، وتناقص الفجوة بين المنتج
والمستهلك،…الخ؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى انتفاء عصر فر ض الرؤى النمطية على المستهلكين والزبائن،
ومن ثم خضوع السياسة الإنتاجية في المؤسسات بشكل عام إلى رغبة الزبائن ورضاهم.
في ظل هذا التطور السريع للأحداث على مستوى المحيط الخارجي للمؤسسات، أصبحت المعلومات
إحدى أهم أنواع المدخلات لأي نشاط صناعي، تجاري، أو خدمي سواء إلى المستوى المحلي أو العالمي؛ الأمر
الذي يجعل تطوير القدرات التنافسية وتحقيق مزايا تنافسية لأية مؤسسة شرطا ضروريا للبقاء.
وانطلاقا من فكرة النظام المفتوح يمكن القول أنه لا يمكن للمؤسسات الجزائرية في خضم هذه
التطورات، أن تبقى يمعزل عن تأثير هذه التغ يرات السريعة وغير الساكنة، لاسيما إذا انضمت الجزائر إلى
المنظمة العالمية للتجارة، مما يعني عندئذ التزامها بقواعدها التجارية؛ الأمر الذي يحتم على المؤسسة الجزائرية
السعي الجاد كي تتوفر على قدرات تنافسية وتحقق ميزة تنافسية مستدامة قصد التفوق على منافسيها، ولن يكون
لها ذلك إلا إذا حازت على عنصر أو عناصر تميزها عنهم.
إن هذه العناصر المترجمة والمجسدة للتميز والتفوق يمكن أن تتأتى للمؤسسة الجزائرية من خلال
إدراكها لمجموعة من المقومات الرئيسة، مثل : ضرورة اعتماد رؤية وسيناريوهات إستراتيجية، التمكن من
تكنولوجيات ومع ارف داعمة للتطور والإبداع والابتكار والتجديد، والأهم من ذلك هو الاهتمام بالكفاءات
والموارد الحالية والمستقبلية - خاصة منها البشرية - وتسييرها بطريقة فعالة وكفأة؛ الأمر الذي سيفضي إلى
تحقيق الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة الجزائرية.
إذا يمكن صياغة إشكالية هذه المداخلة في الأسئلة التالية:
س 1/ ما المقصود بمفهوم الميزة التنافسية؟ وما هي خصائصها، شروطها، أنوعها، ومصادرها؟
س 2/ ما هي طبيعة موارد المؤسسة؟
س 3/ كيف يمكن للتسيير الفعال للموارد والكفاءات المحورية أن يسهم في تحقيق الميزة التنافسية
للمؤسسة؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
259
س 4/ ما هو واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الاقتصادية الجزائرية؟
سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال دراسة العناصر التالية:
- تعريف الميزة التنافسية.
- خصائص وشروط الميزة التنافسية.
- أنواع الميزة التنافسية.
- محددات ومصادر الميزة التنافسية.
- طبيعة موارد المؤسسة.
- دور الكفاءات المحورية في تحقيق الميزة التنافسية.
- وسائل تجديد وزيادة الكفاءات المحورية للمؤسسة.
- خطوات تطبيق مدخل الموارد كأساس للميزة التنافسية.
- حماية الموارد والكفاءات من التقليد.
– واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
-1 تحليل الميزة التنافسية للمؤسسة.
يحوز مفهوم الميزة التنافسية على مكانة هامة في مجال التسيير الإستراتيجي وإدارة الأعمال؛ فالميزة
التنافسية تعد بمثابة العنصر الرئيس الذي يتيح للمؤسسة فرصة كي تحقق أرباح مستمرة مقارنة بمنافسيها؛
ويرجع الفضل في ظهور ورواج هذا المفهوم إلى الكاتب( M.PORTER )، فما المقصود بهذا المفهوم؟
-1.1 تعريف الميزة التنافسية( . ( Lavantage concurrentiel
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تعريف واحد متفق عليه لها المفهوم؛ لهذا سنستعرض بعضا من
التعاريف فقط، بما يحقق الغرض من الدراسة.
أ- تعريف( .( M. PORTER
حسب هذا الكاتب تنشأ الميزة التنافسية بمجرد وصول المؤسسة إلى اكتشاف طرق جديدة أكثر فعالية
مقارنة بتلك المستعملة من قيل المنافسين، أي بمجرد إحداث المؤسسة لعملية إبداع. i
إذا نلاحظ أن( M. PORTER ) في تعريفه هذا يؤكد على جوهر الميزة التنافسية المتمثل في الإبداع.
ب- تعرف أيضا الميزة التنافسية على أنه ا:<< ميزة أو عنصر تفوق للمؤسسة، يتم تحقيقه في حالة
إتباعها لإستراتيجية معينة للتنافس>>. ii
إذا يمكن القول أن هذا التعريف يرتكز على مصدر أساسي من مصادر الميزة التنافسية ألا وهو
إستراتيجية التنافس.
ج- كما يوجد ل لميزة التنافسية تعريف أخر محتوا ه:<< الميزة التنافسية هي عبارة عن قوة دافعة، أو
قيمة أساسية تتمتع بها المؤسسة وتؤثر على سلوك الزبائن، في إطار تعاملهم معها، وتستمر لفترة طويلة
بغض النظر عن طول أو قصر دورة حياة السلعة أو الخدمة التي تقدمها هذه المؤسسة>>. iii
إذا يمكن القول أن القاسم المشترك لهذه التعاريف هو أن الميزة التنافسية تتمثل في ذلك الاختلاف
والتميز الذي تحوزه المؤسسة عن منافسيها، والذي سيقودها إلى الاستفادة من عدة مزايا منها الحصول
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
260
على هوامش ربح مرتفعة، وتطبيق أسعار تنافسية منخفضة، والحصول على حصة سوقية أكبر، وتحقيق
النمو والبقاء أطول ما يمكن.
-2.1 خصائص وشروط الميزة التنافسية.
تتميز الميزة التنافسية عادة بالخصائص التالية: iv
أ- تبني وتصاغ على اختلاف وليس تشابه؛
ب - تؤسس على المدى الطويل باعتبار تختص بالفرص في المستقبل؛
ت - تكون غالبا مركزة جغرافيا.
أما الشروط الواجب توافرها كي تكون الميزة التنافسية فعالة، فهي تتلخص فيما يلي: v
أ- حاسمة، بمعنى أنها تتيح للمؤسسة عامل السبق والتفوق على المنافس، أو المنافسين؛
ب - الديمومة، أي أنها تحقق الاستمرارية عبر الزمن؛
ت - إمكانية الدفاع عنها، بمعنى صعوبة تقليدها، أو محاكاتها، أو إلغائها م ن قبل المنافس، أو
المنافسين.
ولكي تضمن هذه الشروط فعالية الميزة التنافسية يجب ألا ينظر إليها كل على حدة، بل ينبغي أن
يتم تفعيلها مجتمعة، لأن كل شرط مرهون ومرتبط بالأخر؛ بمعنى أنه لا استمرارية دون حسم، ولا
إمكانية للدفاع دون وجود استمرارية.
-3.1 أنواع الميزة التنافسية.
يتم عادة التفريق بين نوعين للميزة التنافسية هما: vi
أ- ميزة التكلفة الأدنى.
وهي الميزة التي تتأتى للمؤسسة إذا ما كانت تكاليف أنشطتها المنتجة للقيمة أدنى من تلك المحققة عند
منافسها أو منافسيها.
ولكن السؤال الجوهري هنا هو كيف تحقق المؤسسة ذلك؟
توجد مجموعة من العناصر إذا ما استطاعت المؤسسة مراقبة التكاليف المتعلقة بها إضافة إلى تحكمها
الجيد في تلك العناصر مقارنة بالمنافسين، فإنها عندئذ تحقق ميزة تنافسية؛ هذه العناصر هي: vii
- مراقبة الحجم؛
- مراقبة الإلحاق؛
- مراقبة الرزنامة؛
- مراقبة الإجراءات؛
- مراقبة التموقع؛
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
261
- مراقبة التعليم.
إذا يجب أن تنخفض التكاليف إلى حدها الأدنى، ولن يتحقق ذلك للمؤسسة بصفة آلية، بل يكون
ذلك نتيجة للتسيير الفعال لقدرات ومهارات مسيريها وعمالها، وهذا بالاعتماد على تفعيل مجموعة من
العوامل مثل التحفيز المادي والمعنوي، والتكوين، و ثقافة المؤسسة …الخ؛ الأمر الذي يقود في النهاية
إلى تدنية التكاليف.
- ميزة التمايز.
تتحصل المؤسسة على هذا النوع من المزايا إذا ما توفرت لها عوامل التفرد، وهي: viii
- الحجم؛
- الإدماج؛
- الإجراءات التقديرية؛
- الارتباط الإيجابي بين أنشطة المؤسسة والموردين وقنوات التوزيع؛
- الرزنامة؛
- التموقع؛
- الإلحاق؛
- التعلم؛
وتجدر الإشارة إلى أنه ينبغي على المسيرين في المؤسسة التمكن من المعرفة الجيدة لهاتين
الميزتين( أي ميزة التكلفة الأدنى وميزة التمايز ) لأن ذلك يتيح للمؤسسة إمكانية توجيه وتوظيف الجهود
المبذولة في اتجاه يحقق الاستغلال الأمثل لقدراتها وكفاءاتها البشرية والمادية، الملموسة وغير الملموسة،
ويحول دون إهدارها وتضييعها، إضافة إلى ذلك سيتيح التحكم في العوامل التي تؤثر في هاتين
الميزتين.
يضاف إلى ذلك أنه من فائدة المؤسسة أن تحوز على كلتا الميزتين في آن واحد، بشرط ألا
تتعارضان ح تى لا تأتي النتائج في اتجاه يعاكس التوقعات؛ أما إذا لم يكن بالإمكان الجمع بينهما وكان
لابد على المؤسسة أن تختار بين إحداهما، فإن عنصر التفضيل لنوع على الأخر يجب أن يأخذ العوامل
التالية بعين الاعتبار: ix
- جاذبية النشاط؛
- شدة المنافسة؛
- الفن التكنولوجي المستعمل؛
- تطور حاجات ورغبات الزبائن عبر الزمن؛
- الفرص المستقبلية.
-4.1 محددات ومصادر الميزة التنافسية.
صنف الكاتب( M. PORTER ) العوامل المحددة للميزة التنافسية في نشاط معين إلى أربع
مجموعات هي: x
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
262
أ- ظروف عوامل الإنتاج ومدى توافرها؛
ب - ظروف الطلب من حيث حجمه وأهميته وتأثيراته وأنماطه؛
ت - وضعية الصناعات المرتبطة والمساندة لذلك النشاط؛
ث - الوضع الإستراتيجي والتنافسي للمؤسسة من حيث وجود البيئة المعززة للقدرة التنافسية.
وفي دراسة أجراها( M. PORTER ) على عشر دول وهي : أمريكا، إنجلترا، سويسرا،
السويد، إيطاليا، ألمانيا، الدانمارك، اليابان، كوريا، وسنغافورة، أكتشف أن المؤسسات التي تتمكن من
اكتساب ميزة تنافسية وتستمر في الحفاظ عليها في ظل المنافسة الدولية هي تلك التي تداوم على الإبداع
والابتكار والتطوير من خلال عمليات ديناميكية مستمرة، وكذا الالتزام بالاستثمار المتواصل.
أما بالنسبة لم صادر الميزة التنافسية، فيمكن القول أن الخصائص والصفات التي تميز مؤسسة
عن منافسيها تعتبر ذات طبيعة متغيرة ونسبية، وتمس بالأساس الأنشطة التي تزاولها مثل المنتج،
الخدمات بمختلف أنواعها، أسلوب الإنتاج، التنظيم، النشاط التسويقي …الخ، وينتج هذا التفوق النسبي
المحقق من قبل المؤسسة عن مصادر مختلفة؛ في هذا الإطار أرجع بعض الكتاب ( ومنهم Jean
Jacques LAMBIN ) الميزة التنافسية إلى مصادر داخلية وأخرى خارجية؛ ومن ثم نجد: xi
الميزة التنافسية الداخلية، وهي التي تعتمد على تفوق المؤسسة في التحكم في تكاليف التصنيع وتسيير
الإنتاج الذي يعطي للمنتوج قيمة وذلك من خلال سعر التكلفة المنخفض عن المنافسين.
الميزة التنافسية الخارجية، وهي التي تعتمد على الصفات المميزة للمنتوج وتمثل قيمة لدى المشتري
سواء بتخفيض تكاليف الاستعمال، أو برفع كفاءة الاستعمال.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الكاتب( M. PORTER ) يحصر مصادر الميزة التنافسية في التكلفة والتمايز
إلى جانب المعايير الأخرى المعروفة مثل الوفورات الاقتصادية، زيادة إنتاجية عوامل الإنتاج…الخ.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة كي تستطيع تحقيق ميزة تنافسية فهذا مرتبط بقدرتها التنافسية، مما
يعني أن مفهوم الميزة التنافسية مرتبط بمفهوم أخر هو القدرة التنافسية، والتي تعرف على أساس
أنها:<< القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين
في السوق الدولية مما يعني نجاحا مستمرا لهذه المؤسسة على الصعيد العالمي في ظل غياب الدع م
والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال رفع إنتاجية عوامل من عمل ورأس مال، وتكنولوجيا
الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية>>. xii
كما تعرف أيضا بأنه ا:<< القدرة على مواجهة القوى المضادة في الأسواق، والتي تقلل من نصيب
المؤسسة في السوق المحلي أو العالمي، و يترتب على التنافسية الوصول إلى مركز تنافسي في الأسواق
وتحسينه>>. xiii
-2 دور التسيير الفعال للموارد والكفاءات في تحقيق الميزة التنافسية.
إن تحقيق ميز ة/ أو مزايا تنافسية للمؤسسة يتطلب توفرها على مجموعة من الكفاءات والموارد
الضرورية لذلك، وتسييرها تسييرا فعالا وكفؤا، لأن ذلك يضمن بشكل كبير نجاح الإستراتيجية التنافسية
للمؤسسة، فما هي يا ترى هذه الموارد؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
263
-1.2 طبيعة موارد المؤسسة.
يمكن تصنيف موارد المؤسسة إلى نوعين هما:
الموارد الملموسة:- وهي تتضمن المواد الأولية، تجهيزات الإنتاج، والموارد المالية.
الموارد غ ير الملموسة :- وهي تضم كل من الجودة، المعلومات، التكنولوجيا، طريقة العمل،
والمعرفة.ونظرا للأهمية الكبرى التي تكتسيها الموارد غير الملموسة، فقد أولتها معظم المؤسسات مكانة
هامة لها، واهتمت أيضا بطريقة تسييرها بما يحقق أهدافها؛ وهذا نابع بدوره من وجود مجموعة م ن
العوامل تحتم ذلك من أهمها:
- تعتبر هذه الموارد من متطلبات المنافسة الحديثة؛
- تعتبر حرجة بالنسبة للمؤسسة.
فلو طرحنا سؤالا : كيف يمكن للمؤسسة أن تستحوذ على حصص معتبرة من السوق الذي تنشط فيه
مقارنة بمنافسيها؟
يتأتى لها ذلك من خلال تحقيق ميزة تنافسية، وهذا بدوره يعتمد على التسيير الجيد لمواردها وعلى
رأسها عامل الجودة، والتي تعني :<< قدرة المنتوج على الوفاء بتوقعات المستهلك، أو حتى تزيد من
توقعات المستهلك>>.
والتسيير الفعال للجودة داخل المؤسسة يجب أن يضمن أن المنتوج الجيد ( أي ذو الجود ة)يتضمن ثلاثة
عناصر، هي( المطابقة، الاستجابة، الصلاحية).
ونظرا لأهمية الجودة كأداة رئيسة للحصول على مزايا تنافسية، فقد دفع ذلك المؤسسات إلى اعتماد
مفهوم الجودة الشاملة، والذي يشير إلى البحث عن الجودة في المؤسسة بأكملها، إبتداءا من الإجراءات
الأمنية وإنتهاءا بإشباع وتلبية حاجات ورغبات المستهلكين، وما يتبعها من خدمات ما بعد البيع.
أيضا يمكن القول أن الاعتماد على الجودة كمورد غير ملموس والاهتمام بتسييره جيدا يقود إلى تحقيق
الميزة التنافسية ( طبعا بالتكامل مع الموارد والكفاءات الأخرى )؛ حيث تؤسس الجودة لثقافة الإتقان داخل
المؤسسة، وتمتن ثقة المتعاملين بالمؤسسة.
إذا يمكن القول أن الموارد تعتبر مدخل أساسي للميزة التنافسية، وهي تتضمن كل من الأصول،
الامكانات، العمليات التنظيمية، الخصائص المتعلقة بالمؤسسات، المعلومات، المعرفة، والكفاءات
المحورية.
وتتمثل الإشكالية الرئيسة في مدخل الموارد في كيفية تحويل موارد المؤسسة إلى قدرات أو كفاءات
محورية، وهو الأمر الذي يحقق الميزة التنافسية؛ بمعنى ما هي الخطوات الأساسية التي يجب على
المؤسسة تطبيقها كي يتم هذا التحويل، ومن ثم تحقيق الميزة التنافسية؟ وقبل هذا ما المقصود بمصطلح
الكفاءات المحورية؟ وما هي أهميته في تحقيق الميزة التنافسية للمؤسسة؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
264
-2.2 دور الكفاءات المحورية في تحقيق الميزة التنافسية.
تذهب أحدث الكتابات في التسيير إلى أن القدرة على التنافس تكون على أساس الفرص المستقبلية وليس
الحالية للمؤسسة في السوق، ومن أهم العوامل في مدى نجاح مؤسسة ما في الوصول مستقبلا إلى
الفرص المستقبلية هي عامل الكفاءات المحورية، التي تعرف على أنه ا:<< مجموعة من المهارات
الخارقة، والأصول الملموسة أو غير الملموسة ذات الطابع الخاص، والتكنولوجيات فائقة المستوى،
والتي تشكل في مجملها أساسا جيدا وقاعدة لقدرات المؤسسة على التنافس>>. xiv
بتعبير أخر الكفاءات المحورية تعني المهارات الناتجة عن التداخل والتساند والتفاعل الحاصل بين
مجموع أنشطة المؤسسة، الأمر الذي يتيح تطويرها وتراكمها، ومن ثم ظهور موارد جديدة؛ ويرجع
إطلاق صفة المحورية على هذه الكفاءات لأن بقاء المؤسسة واستمرارها وتطورها أو انسحابها مرهون
بها.
ويتم خلق الكفاءات المحورية عن طريق تطوير وتوصيل وتبادل المعلومات،و المعرفة بين أعضاء
المؤسسة( أي رأس المال البشري للمؤسسة )، وهناك عدة أمثلة عن الكفاءات المحورية لشركات عالمية
فعلى سبيل المثال تتمتع شركة ( Soney ) بكفاءات محورية تتجسد في قدرتها على تصميم وتقديم
منتجات ذات أحجام صغيرة، ومن ثم إضافة قيمة للزبون حيث يمكنه حمل المنتوج بسهولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكفاءات المحورية تتميز بخاصيتين أساسيتين هما:
أ- خلق القيمة للزبون تكون متضمنة في المنتوج النهائي الذي يحصل عليه؛
ب - التميز والتفرد عن المنافسين، كما يصعب تقليدها.
إذا نلاحظ أن مفهوم الكفاءات المحورية مرتبط بتقديم منافع لزبائن المؤسسة؛ ومن جهة أخرى فإن
أهمية الكفاءات المحورية تكمن في أنها تؤثر على نجاح أو فشل المؤسسة أكثر من تأثيرها على نجاح
أو فشل منتجات بعينها.
وفي ظل تعاظم الاهتمام بالمنافسة المرتكزة على الكفاءات، ظهرت إلى الوجود نظرية جديدة تفترض أن
المعرفة هي المصدر الأساسي للثروة، ففي نطاق الإنتاج مثلا يعني مفهوم الكفاءات المعتمدة على
المعرفة أنه ينبغي على المؤسسات حيازة قدرات تنافسية والسعي الدوؤب نحو الم عرفة لتحقيق عملية
تصنيع جيدة على المستوى العالمي، والقدرة على تطبيق معرفتها الفنية بصورة أفضل من المؤسسات
المنافسة.
-3.2 وسائل تجديد وزيادة الكفاءات المحورية للمؤسسة.
توجد مجموعة من الوسائل أو الآساليب تنتهجها المؤسسة بغرض تجديد وزيادة مخزونها من الكفاء ات
المحورية بغية المحافظة على الميزة التنافسية أو زيادتها؛ من أهم هذه الوسائل:
أ - التعلم الذي يتيح بناء الكفاءات المحورية بالاستناد إلى تجارب وخبرات المؤسسة؛
ب- الإبداع الذي يستخدم الكفاءات الحالية بهدف التوصل إلى كفاءات جديدة عن طريق المزج والتفاعل
الأمثل للكفاءات؛
ج - اكتشاف العلاقات الموجودة بين الكفاءات المحورية، وصيرورة تطور هذه العلاقات عبر الزمن؛
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
265
د – الحفاظ على الكفاءات المحورية، وعدم تضييعها أو تدهورها.
-4.2 خطوات تطبيق مدخل الموارد كأساس للميزة التنافسية.
هناك خمسة خطوات أساسية لتطبيق مدخل الموارد، هي:
-1 التحديد والتصنيف الدقيقين لموارد المؤسسة.
ويتأتى ذلك للمؤسسة من خلال الاعتماد على مجموعة من العوامل الأساسية، من أهمها أنظمة
المعلومات الإدارية، ويمكن تقسيم الموارد في المؤسسة إلى عدة أقسام رئيسة وهي : الموارد المالية،
المادية، البشرية، التكنولوجية،…الخ.
إذا يمكن القول أن المهمة الأولى للمدخل المعتمد على الموارد هي تعظيم الأرباح عبر فترات زمنية،
وذلك ينتج بدوره عن تحقيق المؤسسة لمزايا تنافسية.
-2 تحديد وتقويم الكفاءات المحورية للمؤسسة بدقة.
تعكس الكفاءات المحورية ( أي القدرات المحورية ) ما تقوم به المؤسس ة بشكل مميز وفائق نتيجة استخدام
مجموع الموارد بشكل متكامل؛ ويمكن تحديد وتمييز الكفاءات والقدرات بدقة بالاعتماد على التصنيف
الوظيفي لأنشطة المؤسسة( تصنيع، تسويق،.…).
-3 تقويم إمكانية تحقيق الموارد والكفاءات للأرباح.
تعتمد الأرباح المحققة من موارد وكفاءات المؤسسة على عاملين أساسيين، هما:
أ- مدى استمرار تحقيق المؤسسة للميزة التنافسية في المدى الطويل ، حيث تتناقص الميزة التنافسية
والأرباح المرتبطة بها من خلال استهلاك واستنفاذ الموارد والكفاءات المحققة للميزة التنافسية؛ كما
تعتمد سرعة تضاءل الميزة التنافسية بدرجة كبيرة على خصائص الموارد والكفاءات؛ ويمكن القول أنه
توجد أربعة خصائص تعد بمثابة المحددات الهامة لمدى تواصل الميزة التنافسية، وهي:
- خاصية الاستمرارية؛
- التقليد أو استنساخ إستراتيجية المؤسسة؛
- إمكانية تحويل الموارد؛
- إمكانية تحقيق التطور الذاتي للمؤسسة من مواردها وكفاءاتها.
ت - قدرة المؤسسة على تحقيق العوائد المكتسبة من مواردها وكفاءاته ا؛ بمعنى أن العوائد المحققة
للمؤسسة من مواردها وكفاءاتها لا تعتمد فقط على مدى استمرار وضعيتها التنافسية الجيدة عبر
الزمن، ولكنها تعتمد أيضا على قدرة المؤسسة على الحصول على تلك العوا ئد وكذا على طريقة
تخصيص تلك العوائد على الأصول المختلفة التي شاركت في توليدها.
-4 النجاح في اختيار الإستراتيجية التي تحقق التسيير الفعال لموارد وكفاءات المؤسسة.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
266
إن الأساس الذي عليه تصاغ الإستراتيجية التنافسية يتمثل في تصميم الإستراتيجية التي تحقق
الاستخدام الأمثل للموارد والكفاءات المحورية؛ ولا شك أن الخيار الإستراتيجي الذي يتم اختياره يتوقف
على خصائص الموارد والكفاءات الأكثر أهمية للمؤسسة من حيث درجة استمراريتها، صعوبة تقليدها،
عدم إمكانية تحويلها.
-5 تحديد فجوات الموارد وتطوير قاعدة الموارد.
لا يكتفي مد خل الموارد بتطوير الموارد الحالية فقط، بل يتعداه إلى الاهتمام بتطوير قاعدة لموارد
المؤسسة مستقبلا، ويتم ذلك من خلال تبني أسلوب ونهج استبدال وتجديد الاستثمارات للمحافظة على /
وزيادة مخزون المؤسسة من الموارد والكفاءات المحورية، وهذا بالاعتماد على القدرات الد يناميكية التي
تحوزها المؤسسة، وهذا كله من أجل توسيع حيز الميزة التنافسية وزيادة الفرص الاستراتيجية وهو ما
يعرف باسم ( فجوات الموارد ) الذي يعني المحافظة على الميزة التنافسية التي تتطلب من المؤسسة
الاستمرار في تطوير قاعدة مواردها وكفاءاتها المحورية.
إذا يجب ع لى المؤسسة أن تعمد إلى تحديد حصيلة مواردها وكفاءاتها؛ الأمر الذي يتطلب منها تبني
توجها إستراتيجيا تجاه الموارد والكفاءات، التي سوف تشكل أساس الميزة التنافسية في الحاضر
والمستقبل؛ وينبغي ألا تهمل أيضا ديمومة الاستثمار في الموارد والكفاءات لاكتفائها بنتائج إيجابية في
المدى القصير، فذلك سيؤدي حتم ا- إن حدث - إلى تقادم وتآكل هذه الموارد والكفاءات، الأمر الذي يقود
إلى تقهقر مكانتها التنافسية في السوق لصالح منافسيها، ومن ثم تضاءل مزاياها التنافسية.
-5.2 حماية الموارد والكفاءات من التقليد.
من أجل أن تستمر المؤسسة في تحقيق ميزة تنافسية لابد أن تعمد إلى إحاطة الموارد والكفاءات التي
تولد الميزة التنافسية بنوع من الضبابية والإبهام؛ ويطلق على هذه الضبابية (السبب المبهم -
Lambiguite causal )، والذي يقصد به الغموض الذي يكتنف العلاقة بين السبب والنتيجة، مما يجعل
عملية تق ليد هذه الموارد الكفاءات من طرف المنافسين صعبة؛ الأمر الذي يقود بالنتيجة إلى صعوبة تقليد
الميزة التنافسية المحققة من قبل المؤسسة.
وتوجد مجموعة من العوامل تعتمدها المؤسسات في عملية حماية كفاءاتها من التقليد؛ بحيث إذا ما
توفرت فإنها تجعل الكفاءات أكثر غموضا وصعبة التقليد، وتؤدي إلى تشكيل ما يطلق عليه ب ‘‘
الضبابيبة على الميزة التنافسية‘‘؛ ومن أهم هذه العوامل:
- صعوبة التحويل؛
- الضمنية، أي لا تكون الكفاءات واضحة؛
- عدم إمكانية التعبير عنها؛
- لا يمكن تعليمها؛
- استحالة ملاحظتها أثناء العمل؛
- تكون مركبة، أي معقدة وليست بسيطة؛
- تعتبر عنصر من النظام، أي ليست عنصرا مستقلا.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
267
وتجدر الإشارة إلى أن الكفاءات المحورية يطلق عليها أيضا مصطلح الكفاءات الجماعية؛ مما يعني
وجود نوع أخر من الكفاءات يسمى الكفاءات الفردية، وهي تعبر عن حلقة وصل بين الخصائص الفردية
والمهارات المتحصل عليها من أجل الأداء الجيد لمهام ووظائف مهنية محددة.
ويمكن للمؤسسة أن تتوفر على الكفاءات الفردية بالاعتماد على معايير وأسس موضوعية ودقيقة في
عملية التوظيف، وبالإضافة إلى عملية التكوين التي تمنحها إياهم بشكل يتماشى مع الوظائف التي يشغلونها.
3 – واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
-1.3 واقع الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
إن انتهاج الجزائر لسياسات التعديل الهيكلي في إطار الإصلاحات الاقتصادية كان يهدف بالأساس الذي
الانتقال إلى اقتصاد السوق، الأمر الذي يترتب عليه مواجهة المؤسسات لظروف جديدة من بينها تحرير التجارة،
مما يعني سواد المنافسة في معظم الميادين الاقتصادية سواء بالنسبة للقطاع العمومي أو الخاص، وعلى مستوى
السوق المحلية والدولية على حد السواء.
إن تفعيل هذا التوجه الجديد أفرز عملية انفتاح السوق الوطني على المنافسة الأجنبية، الأمر الذي أث ر
على مختلف سياسات المؤسسة الجزائرية، وبالخصوص على مزيجها التسويقي ( المنتج، التسعير، الترويج،
والتوزيع)؛ نظرا لأن أغلب المؤسسات ( عمومية أو خاصة ) يطبع عليها التصور الإنتاجي والبيعي، وفي الوقت
نفسه هناك غياب شبه كلي لثقافة التسويق الحديث؛ ومن ثم تركيز كل الج هود على العرض، دون الأخذ يعين
الاعتبار لحاجات ورغبات المستهلك أو المستعمل، مهملة بذلك عنصر البحث عن رضا الزبون.
وفي ظل سواد ثقافة العرض على حساب ثقافة التسويق المعاصر التي تعتبر المستهلك والمجتمع هو
نقطة البداية في تخطيط أنشطة المؤسسة، فقد أدى هذا إلى انخ فاض الطلب على منتجات أغلب المؤسسات، نتيجة
لشدة المنافسة من جهة، ومن جهة أخرى عدم امتلاك القدرة التنافسية، مما أدى إلى حرمان المؤسسة الجزائرية
من الحصول مزايا تنافسية، لتجد معظم المؤسسات في النهاية نفسها أنها تنتج منتجات ليست ذات جودة،
وأسعارها مرتفعة نسبيا؛ وللإشارة استطاعت بعض المؤسسات تحقيق ميزة تنافسية لأنها تبنت إستراتيجية
التكيف مع محيطها الجديد، وانتهجت سبيل التحسين المستمر لمنتجاتها، مما جعلها تتمكن من تدنية تكاليفها.
إذا يجب على المؤسسات الجزائرية أن تتبنى ثقافة الميزة التنافسية، لكي تكون بمثابة الد افع لها نحو
امتلاك القدرة على التنافس، وهذا كله يعتمد بالأساس على كفاءة وفعالية تسييرها لقدراتها وكفاءاتها خاصة منها
المحورية، فما هي الإجراءات المتخذة في هذا المجال؟
-2.3 إجراءات تحسين القدرة التنافسية للمؤسسة الجزائرية.
لقد تبنت الجزائر مجموعة من الإجر اءات بهدف تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات في ظل البيئة
التنافسية الجديدة، ومن ثم تحقيق مزايا تنافسية؛ تلخصت هذه الإجراءات في بعدين، الأول يتعلق بميدان
الاستثمار، وهو يتمثل في برنامج تأهيل المؤسسة تحت إشراف وزارة الصناعة وإعادة الهيكلة وبمشاركة وزارة
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والثاني يمس الموارد البشرية، ويتعلق ببرنامج نظام التكوين تحت وصاية
وزارة التكوين المهني.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
268
-1.2.3 برنامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
يهدف هذا البرنامج إلى تحسين الجودة، وتبني الأدوات الحديثة في التسيير الإستراتيجي، مثل التشخيص
الإستراتيجي لجوانب القوة والضعف في المؤسسة؛ ويركز هذا البرنامج على دعم وتكثيف الاستثمارات المادية
وغير المادية( مثل التكوين، المعرفة، نظام المعلومات…) من أجل اكتساب التكنولوجيا الحديثة والتحكم فيها.
إذا في إطار هذا البرنامج المؤسسة مطالبة بحيازة القدرة على التنافس الصناعي، والتي تعني قدرة
المؤسسة على المنافسة من حيث الجودة، الكفاءة، والفعالية، حتى تؤمن شروط البقاء والاستمرار في السوق.
وتتمثل أهم مراحل تنفيذ هذا البرنامج في:
- المرحلة الأولى، التجزئة الإستراتيجية الإجمالية للمؤسسة؛ وتحتوي هذه التجزئة على ج مع المعلومات
الأساسية عن المؤسسة، وإعداد نمط التجزئة الإستراتيجية الملائم من خلال دراسة وضعية المؤسسة في السوق،
بالاعتماد على وضعيتها التنافسية والإستراتيجية ووضعية مواردها البشرية …؛ بعد ذلك تبني وتطبيق
إستراتيجية لتطوير المؤسسة من خلال تحديد تشكيلة المنتج ات والأسواق الأكثر مردودية، وسيناريوهات
المواجهة.
- المرحلة الثانية، تتمثل في دعم تنفيذ برنامج التأهيل، من خلال عدة خطوات تتلخص في : تقديم
المؤسسة لملف يتضمن طلب مساعدة مالية في إطار ‘‘ صندوق تطوير التنافسية الصناعية ‘‘، ثم معالجة الملف
من طرف المصالح التقن ية للجنة الوطنية للتنافسية الصناعية ( CNCI )، بعدها يقدم الملف إذا قبل حسب
المعايير المحددة إلى اللجنة الوطنية للتنافسية الصناعية ليقبل نهائيا أو يرفض.
-2.2.3 إصلاح منظومة التكوين والتمهين.
نظرا للمكانة الهامة التي تحتلها الاستثمارات غير المادية في برنامج التأهيل، أصبح من الضروري
الاهتمام بالموارد البشرية وتطويرها في المؤسسة؛ فتكييف نظام التعليم وفقا لاحتياجات السوق، واعتماد
المعرفة، يعتبر من الدعائم الرئيسة لتطوير القدرة التنافسية وتهيئة المؤسسة للمنافسة؛ وتتلخص إستراتيجية
إصلاح منظومة التكوين والتمهين في الجزائر في الجوانب التالية:
- تشخيص وضعية نظام التكوين والتمهين بغية الوقوف على نقاط الضعف؛
- وضع مخطط إستراتيجي لتحسين وتأهيل منظومة التكوين؛
- تمويل التكوين والتمهين المتواصل.
-3.2.3 الاهتمام بالكفاءات البشرية.
لقد تزايد الاهتمام الذي توليه المؤسسات والم نظمات للكفاءات البشرية مع تأكيد دور هذه الكفاءات عبر
الزمن، فالعمال في المؤسسة ينقسمون إلى فئات حسب مهامهم، اختصاصاتهم ومسوؤلياتهم، فهناك الإداريون،
التقنيون والأعوان؛ وكلهم يستطيعون المساهمة في الأنشطة والمهام، خاصة مجال الإبداع التكنولوجي، غير أن
الذين ي باشرون المهام التقنية والإنتاجية يضطلعون بدور أكبر، وعليه يكون الاهتمام بهؤلاء ضروريا؛ وتوجد
عدة طرق معتمدة حاليا في بعض الدول خاصة منها الصناعية، تتمثل في : محاولة جمع الآراء والأفكار
باستمرار.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
269
في إطار هذا السياق أصبح من الضروري الاكتفاء التسيير العادي بل يجب على المؤسسة أن تتعداه إلى
ما يطلق عليه ب‘‘ تسيير الاابتكارية- Management de Créativité ‘‘، هذه الابتكارية تأتي من أفكار
وآراء المبتكرين( .( Les créatifs
ويمكن تحفيز المبتكرين في المؤسسة عن طريق ثلاثة عوامل: xv
- الرغبة في البحث والابتكار؛
- الإدارة بصفة خاصة من جراء تعظيمهم؛
- الإثارة والفخر في أن يكونوا طرفا في ابتكار ناجح.
ومن أجل إدارة جيدة للإبداع في المؤسسة، ينبغي توفير ظروف وشروط معينة للمبتكرين، تكون لهم
بمثابة الحافز في تأدية أعمالهم وإنجاز أهدافهم المخططة، منها: xvi
- ترك بعض الحرية في الوقت، لأن م نهم من يركز على عمله في أوقات متأخرة من الليل، أو خارج
أوقات العمل بالمؤسسة؛
- بعث الثقة في أنفسهم خاصة في مجرى حياتهم، والحصول على التقديرات والشهادات، وتمكينهم من
المشاركة في الملتقيات والندوات العلمية…؛
- رفع الروح المعنوية لديهم، وتشجيعهم في إطار عملية البحث؛
- تمكينهم من الوسائل اللازمة للبحث والتطوير.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
270
i- M. PORTER, 1993, p.48
ii - أنظر/ نبيل مرسي خليل، 1998 ، ص 37 .
iii - أنظر/ عبد السلام أبو قحف، 2001 ، ص 428 .
iv- iv- M. PORTER, 1993, p.48
iv- M. PORTER, 1993, op.cit, p.78
v- G. GARIBALDI, 1994, pp.95-96
vi- vi- M. PORTER, 1986, p.85
vii - بوشناف عمار، 2001 ، ص ص 19 - 20 .
viii- viii- M. PORTER, 1986, p.48152
ix - بوشناف عمار، مرجع سابق، ص ص 25 - 26 .
x - قويدري محمد، 2002 .
xi - كربالي بغداد، 2002 .
xii - أنظر/كمال رزيق وأبو زعرور عمار، 2002 .
xiii - أنظر/فريد راغب النجار، 1997 ، ص ص 123 - 124 .
xiv- J. L. ARREGLE, 1996, p.26
xv- J. BRILMAN, 2001, P.170
xvi- Ibid, pp. 170-171
.
لقد أثرت لا تزال سرعة التغيرات الحاصلة في الاقتصاد العالمي على معظم الاقتصاديات س واء تلك
المصنفة ضمن الدول المتقدمة أو الدول النامية، وإن كانت بدرجات متفاوتة؛ وبغية مواجهة هذه التحولات
الجديدة المتميزة أيضا بالديناميكية أصبح من الضروري انتهاج سبيل التنافسية وتحقيق مزايا تنافسية من طرف
المؤسسات وهذا من أجل تحقيق هدف البقاء والاستمرارية.
أدى دخول الاقتصاديات إلى عصر العولمة ومحاولة اندماجها فيه إلى تغير ملامح الاقتصاد العالمي؛ فقد
ظهرت صناعات جديدة، وتعاظمت أهمية وإنتاجية القوة العقلية والمهارات البشرية، وتناقص الفجوة بين المنتج
والمستهلك،…الخ؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى انتفاء عصر فر ض الرؤى النمطية على المستهلكين والزبائن،
ومن ثم خضوع السياسة الإنتاجية في المؤسسات بشكل عام إلى رغبة الزبائن ورضاهم.
في ظل هذا التطور السريع للأحداث على مستوى المحيط الخارجي للمؤسسات، أصبحت المعلومات
إحدى أهم أنواع المدخلات لأي نشاط صناعي، تجاري، أو خدمي سواء إلى المستوى المحلي أو العالمي؛ الأمر
الذي يجعل تطوير القدرات التنافسية وتحقيق مزايا تنافسية لأية مؤسسة شرطا ضروريا للبقاء.
وانطلاقا من فكرة النظام المفتوح يمكن القول أنه لا يمكن للمؤسسات الجزائرية في خضم هذه
التطورات، أن تبقى يمعزل عن تأثير هذه التغ يرات السريعة وغير الساكنة، لاسيما إذا انضمت الجزائر إلى
المنظمة العالمية للتجارة، مما يعني عندئذ التزامها بقواعدها التجارية؛ الأمر الذي يحتم على المؤسسة الجزائرية
السعي الجاد كي تتوفر على قدرات تنافسية وتحقق ميزة تنافسية مستدامة قصد التفوق على منافسيها، ولن يكون
لها ذلك إلا إذا حازت على عنصر أو عناصر تميزها عنهم.
إن هذه العناصر المترجمة والمجسدة للتميز والتفوق يمكن أن تتأتى للمؤسسة الجزائرية من خلال
إدراكها لمجموعة من المقومات الرئيسة، مثل : ضرورة اعتماد رؤية وسيناريوهات إستراتيجية، التمكن من
تكنولوجيات ومع ارف داعمة للتطور والإبداع والابتكار والتجديد، والأهم من ذلك هو الاهتمام بالكفاءات
والموارد الحالية والمستقبلية - خاصة منها البشرية - وتسييرها بطريقة فعالة وكفأة؛ الأمر الذي سيفضي إلى
تحقيق الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة الجزائرية.
إذا يمكن صياغة إشكالية هذه المداخلة في الأسئلة التالية:
س 1/ ما المقصود بمفهوم الميزة التنافسية؟ وما هي خصائصها، شروطها، أنوعها، ومصادرها؟
س 2/ ما هي طبيعة موارد المؤسسة؟
س 3/ كيف يمكن للتسيير الفعال للموارد والكفاءات المحورية أن يسهم في تحقيق الميزة التنافسية
للمؤسسة؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
259
س 4/ ما هو واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الاقتصادية الجزائرية؟
سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال دراسة العناصر التالية:
- تعريف الميزة التنافسية.
- خصائص وشروط الميزة التنافسية.
- أنواع الميزة التنافسية.
- محددات ومصادر الميزة التنافسية.
- طبيعة موارد المؤسسة.
- دور الكفاءات المحورية في تحقيق الميزة التنافسية.
- وسائل تجديد وزيادة الكفاءات المحورية للمؤسسة.
- خطوات تطبيق مدخل الموارد كأساس للميزة التنافسية.
- حماية الموارد والكفاءات من التقليد.
– واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
-1 تحليل الميزة التنافسية للمؤسسة.
يحوز مفهوم الميزة التنافسية على مكانة هامة في مجال التسيير الإستراتيجي وإدارة الأعمال؛ فالميزة
التنافسية تعد بمثابة العنصر الرئيس الذي يتيح للمؤسسة فرصة كي تحقق أرباح مستمرة مقارنة بمنافسيها؛
ويرجع الفضل في ظهور ورواج هذا المفهوم إلى الكاتب( M.PORTER )، فما المقصود بهذا المفهوم؟
-1.1 تعريف الميزة التنافسية( . ( Lavantage concurrentiel
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تعريف واحد متفق عليه لها المفهوم؛ لهذا سنستعرض بعضا من
التعاريف فقط، بما يحقق الغرض من الدراسة.
أ- تعريف( .( M. PORTER
حسب هذا الكاتب تنشأ الميزة التنافسية بمجرد وصول المؤسسة إلى اكتشاف طرق جديدة أكثر فعالية
مقارنة بتلك المستعملة من قيل المنافسين، أي بمجرد إحداث المؤسسة لعملية إبداع. i
إذا نلاحظ أن( M. PORTER ) في تعريفه هذا يؤكد على جوهر الميزة التنافسية المتمثل في الإبداع.
ب- تعرف أيضا الميزة التنافسية على أنه ا:<< ميزة أو عنصر تفوق للمؤسسة، يتم تحقيقه في حالة
إتباعها لإستراتيجية معينة للتنافس>>. ii
إذا يمكن القول أن هذا التعريف يرتكز على مصدر أساسي من مصادر الميزة التنافسية ألا وهو
إستراتيجية التنافس.
ج- كما يوجد ل لميزة التنافسية تعريف أخر محتوا ه:<< الميزة التنافسية هي عبارة عن قوة دافعة، أو
قيمة أساسية تتمتع بها المؤسسة وتؤثر على سلوك الزبائن، في إطار تعاملهم معها، وتستمر لفترة طويلة
بغض النظر عن طول أو قصر دورة حياة السلعة أو الخدمة التي تقدمها هذه المؤسسة>>. iii
إذا يمكن القول أن القاسم المشترك لهذه التعاريف هو أن الميزة التنافسية تتمثل في ذلك الاختلاف
والتميز الذي تحوزه المؤسسة عن منافسيها، والذي سيقودها إلى الاستفادة من عدة مزايا منها الحصول
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
260
على هوامش ربح مرتفعة، وتطبيق أسعار تنافسية منخفضة، والحصول على حصة سوقية أكبر، وتحقيق
النمو والبقاء أطول ما يمكن.
-2.1 خصائص وشروط الميزة التنافسية.
تتميز الميزة التنافسية عادة بالخصائص التالية: iv
أ- تبني وتصاغ على اختلاف وليس تشابه؛
ب - تؤسس على المدى الطويل باعتبار تختص بالفرص في المستقبل؛
ت - تكون غالبا مركزة جغرافيا.
أما الشروط الواجب توافرها كي تكون الميزة التنافسية فعالة، فهي تتلخص فيما يلي: v
أ- حاسمة، بمعنى أنها تتيح للمؤسسة عامل السبق والتفوق على المنافس، أو المنافسين؛
ب - الديمومة، أي أنها تحقق الاستمرارية عبر الزمن؛
ت - إمكانية الدفاع عنها، بمعنى صعوبة تقليدها، أو محاكاتها، أو إلغائها م ن قبل المنافس، أو
المنافسين.
ولكي تضمن هذه الشروط فعالية الميزة التنافسية يجب ألا ينظر إليها كل على حدة، بل ينبغي أن
يتم تفعيلها مجتمعة، لأن كل شرط مرهون ومرتبط بالأخر؛ بمعنى أنه لا استمرارية دون حسم، ولا
إمكانية للدفاع دون وجود استمرارية.
-3.1 أنواع الميزة التنافسية.
يتم عادة التفريق بين نوعين للميزة التنافسية هما: vi
أ- ميزة التكلفة الأدنى.
وهي الميزة التي تتأتى للمؤسسة إذا ما كانت تكاليف أنشطتها المنتجة للقيمة أدنى من تلك المحققة عند
منافسها أو منافسيها.
ولكن السؤال الجوهري هنا هو كيف تحقق المؤسسة ذلك؟
توجد مجموعة من العناصر إذا ما استطاعت المؤسسة مراقبة التكاليف المتعلقة بها إضافة إلى تحكمها
الجيد في تلك العناصر مقارنة بالمنافسين، فإنها عندئذ تحقق ميزة تنافسية؛ هذه العناصر هي: vii
- مراقبة الحجم؛
- مراقبة الإلحاق؛
- مراقبة الرزنامة؛
- مراقبة الإجراءات؛
- مراقبة التموقع؛
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
261
- مراقبة التعليم.
إذا يجب أن تنخفض التكاليف إلى حدها الأدنى، ولن يتحقق ذلك للمؤسسة بصفة آلية، بل يكون
ذلك نتيجة للتسيير الفعال لقدرات ومهارات مسيريها وعمالها، وهذا بالاعتماد على تفعيل مجموعة من
العوامل مثل التحفيز المادي والمعنوي، والتكوين، و ثقافة المؤسسة …الخ؛ الأمر الذي يقود في النهاية
إلى تدنية التكاليف.
- ميزة التمايز.
تتحصل المؤسسة على هذا النوع من المزايا إذا ما توفرت لها عوامل التفرد، وهي: viii
- الحجم؛
- الإدماج؛
- الإجراءات التقديرية؛
- الارتباط الإيجابي بين أنشطة المؤسسة والموردين وقنوات التوزيع؛
- الرزنامة؛
- التموقع؛
- الإلحاق؛
- التعلم؛
وتجدر الإشارة إلى أنه ينبغي على المسيرين في المؤسسة التمكن من المعرفة الجيدة لهاتين
الميزتين( أي ميزة التكلفة الأدنى وميزة التمايز ) لأن ذلك يتيح للمؤسسة إمكانية توجيه وتوظيف الجهود
المبذولة في اتجاه يحقق الاستغلال الأمثل لقدراتها وكفاءاتها البشرية والمادية، الملموسة وغير الملموسة،
ويحول دون إهدارها وتضييعها، إضافة إلى ذلك سيتيح التحكم في العوامل التي تؤثر في هاتين
الميزتين.
يضاف إلى ذلك أنه من فائدة المؤسسة أن تحوز على كلتا الميزتين في آن واحد، بشرط ألا
تتعارضان ح تى لا تأتي النتائج في اتجاه يعاكس التوقعات؛ أما إذا لم يكن بالإمكان الجمع بينهما وكان
لابد على المؤسسة أن تختار بين إحداهما، فإن عنصر التفضيل لنوع على الأخر يجب أن يأخذ العوامل
التالية بعين الاعتبار: ix
- جاذبية النشاط؛
- شدة المنافسة؛
- الفن التكنولوجي المستعمل؛
- تطور حاجات ورغبات الزبائن عبر الزمن؛
- الفرص المستقبلية.
-4.1 محددات ومصادر الميزة التنافسية.
صنف الكاتب( M. PORTER ) العوامل المحددة للميزة التنافسية في نشاط معين إلى أربع
مجموعات هي: x
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
262
أ- ظروف عوامل الإنتاج ومدى توافرها؛
ب - ظروف الطلب من حيث حجمه وأهميته وتأثيراته وأنماطه؛
ت - وضعية الصناعات المرتبطة والمساندة لذلك النشاط؛
ث - الوضع الإستراتيجي والتنافسي للمؤسسة من حيث وجود البيئة المعززة للقدرة التنافسية.
وفي دراسة أجراها( M. PORTER ) على عشر دول وهي : أمريكا، إنجلترا، سويسرا،
السويد، إيطاليا، ألمانيا، الدانمارك، اليابان، كوريا، وسنغافورة، أكتشف أن المؤسسات التي تتمكن من
اكتساب ميزة تنافسية وتستمر في الحفاظ عليها في ظل المنافسة الدولية هي تلك التي تداوم على الإبداع
والابتكار والتطوير من خلال عمليات ديناميكية مستمرة، وكذا الالتزام بالاستثمار المتواصل.
أما بالنسبة لم صادر الميزة التنافسية، فيمكن القول أن الخصائص والصفات التي تميز مؤسسة
عن منافسيها تعتبر ذات طبيعة متغيرة ونسبية، وتمس بالأساس الأنشطة التي تزاولها مثل المنتج،
الخدمات بمختلف أنواعها، أسلوب الإنتاج، التنظيم، النشاط التسويقي …الخ، وينتج هذا التفوق النسبي
المحقق من قبل المؤسسة عن مصادر مختلفة؛ في هذا الإطار أرجع بعض الكتاب ( ومنهم Jean
Jacques LAMBIN ) الميزة التنافسية إلى مصادر داخلية وأخرى خارجية؛ ومن ثم نجد: xi
الميزة التنافسية الداخلية، وهي التي تعتمد على تفوق المؤسسة في التحكم في تكاليف التصنيع وتسيير
الإنتاج الذي يعطي للمنتوج قيمة وذلك من خلال سعر التكلفة المنخفض عن المنافسين.
الميزة التنافسية الخارجية، وهي التي تعتمد على الصفات المميزة للمنتوج وتمثل قيمة لدى المشتري
سواء بتخفيض تكاليف الاستعمال، أو برفع كفاءة الاستعمال.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الكاتب( M. PORTER ) يحصر مصادر الميزة التنافسية في التكلفة والتمايز
إلى جانب المعايير الأخرى المعروفة مثل الوفورات الاقتصادية، زيادة إنتاجية عوامل الإنتاج…الخ.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة كي تستطيع تحقيق ميزة تنافسية فهذا مرتبط بقدرتها التنافسية، مما
يعني أن مفهوم الميزة التنافسية مرتبط بمفهوم أخر هو القدرة التنافسية، والتي تعرف على أساس
أنها:<< القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين
في السوق الدولية مما يعني نجاحا مستمرا لهذه المؤسسة على الصعيد العالمي في ظل غياب الدع م
والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال رفع إنتاجية عوامل من عمل ورأس مال، وتكنولوجيا
الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية>>. xii
كما تعرف أيضا بأنه ا:<< القدرة على مواجهة القوى المضادة في الأسواق، والتي تقلل من نصيب
المؤسسة في السوق المحلي أو العالمي، و يترتب على التنافسية الوصول إلى مركز تنافسي في الأسواق
وتحسينه>>. xiii
-2 دور التسيير الفعال للموارد والكفاءات في تحقيق الميزة التنافسية.
إن تحقيق ميز ة/ أو مزايا تنافسية للمؤسسة يتطلب توفرها على مجموعة من الكفاءات والموارد
الضرورية لذلك، وتسييرها تسييرا فعالا وكفؤا، لأن ذلك يضمن بشكل كبير نجاح الإستراتيجية التنافسية
للمؤسسة، فما هي يا ترى هذه الموارد؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
263
-1.2 طبيعة موارد المؤسسة.
يمكن تصنيف موارد المؤسسة إلى نوعين هما:
الموارد الملموسة:- وهي تتضمن المواد الأولية، تجهيزات الإنتاج، والموارد المالية.
الموارد غ ير الملموسة :- وهي تضم كل من الجودة، المعلومات، التكنولوجيا، طريقة العمل،
والمعرفة.ونظرا للأهمية الكبرى التي تكتسيها الموارد غير الملموسة، فقد أولتها معظم المؤسسات مكانة
هامة لها، واهتمت أيضا بطريقة تسييرها بما يحقق أهدافها؛ وهذا نابع بدوره من وجود مجموعة م ن
العوامل تحتم ذلك من أهمها:
- تعتبر هذه الموارد من متطلبات المنافسة الحديثة؛
- تعتبر حرجة بالنسبة للمؤسسة.
فلو طرحنا سؤالا : كيف يمكن للمؤسسة أن تستحوذ على حصص معتبرة من السوق الذي تنشط فيه
مقارنة بمنافسيها؟
يتأتى لها ذلك من خلال تحقيق ميزة تنافسية، وهذا بدوره يعتمد على التسيير الجيد لمواردها وعلى
رأسها عامل الجودة، والتي تعني :<< قدرة المنتوج على الوفاء بتوقعات المستهلك، أو حتى تزيد من
توقعات المستهلك>>.
والتسيير الفعال للجودة داخل المؤسسة يجب أن يضمن أن المنتوج الجيد ( أي ذو الجود ة)يتضمن ثلاثة
عناصر، هي( المطابقة، الاستجابة، الصلاحية).
ونظرا لأهمية الجودة كأداة رئيسة للحصول على مزايا تنافسية، فقد دفع ذلك المؤسسات إلى اعتماد
مفهوم الجودة الشاملة، والذي يشير إلى البحث عن الجودة في المؤسسة بأكملها، إبتداءا من الإجراءات
الأمنية وإنتهاءا بإشباع وتلبية حاجات ورغبات المستهلكين، وما يتبعها من خدمات ما بعد البيع.
أيضا يمكن القول أن الاعتماد على الجودة كمورد غير ملموس والاهتمام بتسييره جيدا يقود إلى تحقيق
الميزة التنافسية ( طبعا بالتكامل مع الموارد والكفاءات الأخرى )؛ حيث تؤسس الجودة لثقافة الإتقان داخل
المؤسسة، وتمتن ثقة المتعاملين بالمؤسسة.
إذا يمكن القول أن الموارد تعتبر مدخل أساسي للميزة التنافسية، وهي تتضمن كل من الأصول،
الامكانات، العمليات التنظيمية، الخصائص المتعلقة بالمؤسسات، المعلومات، المعرفة، والكفاءات
المحورية.
وتتمثل الإشكالية الرئيسة في مدخل الموارد في كيفية تحويل موارد المؤسسة إلى قدرات أو كفاءات
محورية، وهو الأمر الذي يحقق الميزة التنافسية؛ بمعنى ما هي الخطوات الأساسية التي يجب على
المؤسسة تطبيقها كي يتم هذا التحويل، ومن ثم تحقيق الميزة التنافسية؟ وقبل هذا ما المقصود بمصطلح
الكفاءات المحورية؟ وما هي أهميته في تحقيق الميزة التنافسية للمؤسسة؟
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
264
-2.2 دور الكفاءات المحورية في تحقيق الميزة التنافسية.
تذهب أحدث الكتابات في التسيير إلى أن القدرة على التنافس تكون على أساس الفرص المستقبلية وليس
الحالية للمؤسسة في السوق، ومن أهم العوامل في مدى نجاح مؤسسة ما في الوصول مستقبلا إلى
الفرص المستقبلية هي عامل الكفاءات المحورية، التي تعرف على أنه ا:<< مجموعة من المهارات
الخارقة، والأصول الملموسة أو غير الملموسة ذات الطابع الخاص، والتكنولوجيات فائقة المستوى،
والتي تشكل في مجملها أساسا جيدا وقاعدة لقدرات المؤسسة على التنافس>>. xiv
بتعبير أخر الكفاءات المحورية تعني المهارات الناتجة عن التداخل والتساند والتفاعل الحاصل بين
مجموع أنشطة المؤسسة، الأمر الذي يتيح تطويرها وتراكمها، ومن ثم ظهور موارد جديدة؛ ويرجع
إطلاق صفة المحورية على هذه الكفاءات لأن بقاء المؤسسة واستمرارها وتطورها أو انسحابها مرهون
بها.
ويتم خلق الكفاءات المحورية عن طريق تطوير وتوصيل وتبادل المعلومات،و المعرفة بين أعضاء
المؤسسة( أي رأس المال البشري للمؤسسة )، وهناك عدة أمثلة عن الكفاءات المحورية لشركات عالمية
فعلى سبيل المثال تتمتع شركة ( Soney ) بكفاءات محورية تتجسد في قدرتها على تصميم وتقديم
منتجات ذات أحجام صغيرة، ومن ثم إضافة قيمة للزبون حيث يمكنه حمل المنتوج بسهولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكفاءات المحورية تتميز بخاصيتين أساسيتين هما:
أ- خلق القيمة للزبون تكون متضمنة في المنتوج النهائي الذي يحصل عليه؛
ب - التميز والتفرد عن المنافسين، كما يصعب تقليدها.
إذا نلاحظ أن مفهوم الكفاءات المحورية مرتبط بتقديم منافع لزبائن المؤسسة؛ ومن جهة أخرى فإن
أهمية الكفاءات المحورية تكمن في أنها تؤثر على نجاح أو فشل المؤسسة أكثر من تأثيرها على نجاح
أو فشل منتجات بعينها.
وفي ظل تعاظم الاهتمام بالمنافسة المرتكزة على الكفاءات، ظهرت إلى الوجود نظرية جديدة تفترض أن
المعرفة هي المصدر الأساسي للثروة، ففي نطاق الإنتاج مثلا يعني مفهوم الكفاءات المعتمدة على
المعرفة أنه ينبغي على المؤسسات حيازة قدرات تنافسية والسعي الدوؤب نحو الم عرفة لتحقيق عملية
تصنيع جيدة على المستوى العالمي، والقدرة على تطبيق معرفتها الفنية بصورة أفضل من المؤسسات
المنافسة.
-3.2 وسائل تجديد وزيادة الكفاءات المحورية للمؤسسة.
توجد مجموعة من الوسائل أو الآساليب تنتهجها المؤسسة بغرض تجديد وزيادة مخزونها من الكفاء ات
المحورية بغية المحافظة على الميزة التنافسية أو زيادتها؛ من أهم هذه الوسائل:
أ - التعلم الذي يتيح بناء الكفاءات المحورية بالاستناد إلى تجارب وخبرات المؤسسة؛
ب- الإبداع الذي يستخدم الكفاءات الحالية بهدف التوصل إلى كفاءات جديدة عن طريق المزج والتفاعل
الأمثل للكفاءات؛
ج - اكتشاف العلاقات الموجودة بين الكفاءات المحورية، وصيرورة تطور هذه العلاقات عبر الزمن؛
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
265
د – الحفاظ على الكفاءات المحورية، وعدم تضييعها أو تدهورها.
-4.2 خطوات تطبيق مدخل الموارد كأساس للميزة التنافسية.
هناك خمسة خطوات أساسية لتطبيق مدخل الموارد، هي:
-1 التحديد والتصنيف الدقيقين لموارد المؤسسة.
ويتأتى ذلك للمؤسسة من خلال الاعتماد على مجموعة من العوامل الأساسية، من أهمها أنظمة
المعلومات الإدارية، ويمكن تقسيم الموارد في المؤسسة إلى عدة أقسام رئيسة وهي : الموارد المالية،
المادية، البشرية، التكنولوجية،…الخ.
إذا يمكن القول أن المهمة الأولى للمدخل المعتمد على الموارد هي تعظيم الأرباح عبر فترات زمنية،
وذلك ينتج بدوره عن تحقيق المؤسسة لمزايا تنافسية.
-2 تحديد وتقويم الكفاءات المحورية للمؤسسة بدقة.
تعكس الكفاءات المحورية ( أي القدرات المحورية ) ما تقوم به المؤسس ة بشكل مميز وفائق نتيجة استخدام
مجموع الموارد بشكل متكامل؛ ويمكن تحديد وتمييز الكفاءات والقدرات بدقة بالاعتماد على التصنيف
الوظيفي لأنشطة المؤسسة( تصنيع، تسويق،.…).
-3 تقويم إمكانية تحقيق الموارد والكفاءات للأرباح.
تعتمد الأرباح المحققة من موارد وكفاءات المؤسسة على عاملين أساسيين، هما:
أ- مدى استمرار تحقيق المؤسسة للميزة التنافسية في المدى الطويل ، حيث تتناقص الميزة التنافسية
والأرباح المرتبطة بها من خلال استهلاك واستنفاذ الموارد والكفاءات المحققة للميزة التنافسية؛ كما
تعتمد سرعة تضاءل الميزة التنافسية بدرجة كبيرة على خصائص الموارد والكفاءات؛ ويمكن القول أنه
توجد أربعة خصائص تعد بمثابة المحددات الهامة لمدى تواصل الميزة التنافسية، وهي:
- خاصية الاستمرارية؛
- التقليد أو استنساخ إستراتيجية المؤسسة؛
- إمكانية تحويل الموارد؛
- إمكانية تحقيق التطور الذاتي للمؤسسة من مواردها وكفاءاتها.
ت - قدرة المؤسسة على تحقيق العوائد المكتسبة من مواردها وكفاءاته ا؛ بمعنى أن العوائد المحققة
للمؤسسة من مواردها وكفاءاتها لا تعتمد فقط على مدى استمرار وضعيتها التنافسية الجيدة عبر
الزمن، ولكنها تعتمد أيضا على قدرة المؤسسة على الحصول على تلك العوا ئد وكذا على طريقة
تخصيص تلك العوائد على الأصول المختلفة التي شاركت في توليدها.
-4 النجاح في اختيار الإستراتيجية التي تحقق التسيير الفعال لموارد وكفاءات المؤسسة.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
266
إن الأساس الذي عليه تصاغ الإستراتيجية التنافسية يتمثل في تصميم الإستراتيجية التي تحقق
الاستخدام الأمثل للموارد والكفاءات المحورية؛ ولا شك أن الخيار الإستراتيجي الذي يتم اختياره يتوقف
على خصائص الموارد والكفاءات الأكثر أهمية للمؤسسة من حيث درجة استمراريتها، صعوبة تقليدها،
عدم إمكانية تحويلها.
-5 تحديد فجوات الموارد وتطوير قاعدة الموارد.
لا يكتفي مد خل الموارد بتطوير الموارد الحالية فقط، بل يتعداه إلى الاهتمام بتطوير قاعدة لموارد
المؤسسة مستقبلا، ويتم ذلك من خلال تبني أسلوب ونهج استبدال وتجديد الاستثمارات للمحافظة على /
وزيادة مخزون المؤسسة من الموارد والكفاءات المحورية، وهذا بالاعتماد على القدرات الد يناميكية التي
تحوزها المؤسسة، وهذا كله من أجل توسيع حيز الميزة التنافسية وزيادة الفرص الاستراتيجية وهو ما
يعرف باسم ( فجوات الموارد ) الذي يعني المحافظة على الميزة التنافسية التي تتطلب من المؤسسة
الاستمرار في تطوير قاعدة مواردها وكفاءاتها المحورية.
إذا يجب ع لى المؤسسة أن تعمد إلى تحديد حصيلة مواردها وكفاءاتها؛ الأمر الذي يتطلب منها تبني
توجها إستراتيجيا تجاه الموارد والكفاءات، التي سوف تشكل أساس الميزة التنافسية في الحاضر
والمستقبل؛ وينبغي ألا تهمل أيضا ديمومة الاستثمار في الموارد والكفاءات لاكتفائها بنتائج إيجابية في
المدى القصير، فذلك سيؤدي حتم ا- إن حدث - إلى تقادم وتآكل هذه الموارد والكفاءات، الأمر الذي يقود
إلى تقهقر مكانتها التنافسية في السوق لصالح منافسيها، ومن ثم تضاءل مزاياها التنافسية.
-5.2 حماية الموارد والكفاءات من التقليد.
من أجل أن تستمر المؤسسة في تحقيق ميزة تنافسية لابد أن تعمد إلى إحاطة الموارد والكفاءات التي
تولد الميزة التنافسية بنوع من الضبابية والإبهام؛ ويطلق على هذه الضبابية (السبب المبهم -
Lambiguite causal )، والذي يقصد به الغموض الذي يكتنف العلاقة بين السبب والنتيجة، مما يجعل
عملية تق ليد هذه الموارد الكفاءات من طرف المنافسين صعبة؛ الأمر الذي يقود بالنتيجة إلى صعوبة تقليد
الميزة التنافسية المحققة من قبل المؤسسة.
وتوجد مجموعة من العوامل تعتمدها المؤسسات في عملية حماية كفاءاتها من التقليد؛ بحيث إذا ما
توفرت فإنها تجعل الكفاءات أكثر غموضا وصعبة التقليد، وتؤدي إلى تشكيل ما يطلق عليه ب ‘‘
الضبابيبة على الميزة التنافسية‘‘؛ ومن أهم هذه العوامل:
- صعوبة التحويل؛
- الضمنية، أي لا تكون الكفاءات واضحة؛
- عدم إمكانية التعبير عنها؛
- لا يمكن تعليمها؛
- استحالة ملاحظتها أثناء العمل؛
- تكون مركبة، أي معقدة وليست بسيطة؛
- تعتبر عنصر من النظام، أي ليست عنصرا مستقلا.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
267
وتجدر الإشارة إلى أن الكفاءات المحورية يطلق عليها أيضا مصطلح الكفاءات الجماعية؛ مما يعني
وجود نوع أخر من الكفاءات يسمى الكفاءات الفردية، وهي تعبر عن حلقة وصل بين الخصائص الفردية
والمهارات المتحصل عليها من أجل الأداء الجيد لمهام ووظائف مهنية محددة.
ويمكن للمؤسسة أن تتوفر على الكفاءات الفردية بالاعتماد على معايير وأسس موضوعية ودقيقة في
عملية التوظيف، وبالإضافة إلى عملية التكوين التي تمنحها إياهم بشكل يتماشى مع الوظائف التي يشغلونها.
3 – واقع وآفاق الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
-1.3 واقع الميزة التنافسية في المؤسسة الجزائرية.
إن انتهاج الجزائر لسياسات التعديل الهيكلي في إطار الإصلاحات الاقتصادية كان يهدف بالأساس الذي
الانتقال إلى اقتصاد السوق، الأمر الذي يترتب عليه مواجهة المؤسسات لظروف جديدة من بينها تحرير التجارة،
مما يعني سواد المنافسة في معظم الميادين الاقتصادية سواء بالنسبة للقطاع العمومي أو الخاص، وعلى مستوى
السوق المحلية والدولية على حد السواء.
إن تفعيل هذا التوجه الجديد أفرز عملية انفتاح السوق الوطني على المنافسة الأجنبية، الأمر الذي أث ر
على مختلف سياسات المؤسسة الجزائرية، وبالخصوص على مزيجها التسويقي ( المنتج، التسعير، الترويج،
والتوزيع)؛ نظرا لأن أغلب المؤسسات ( عمومية أو خاصة ) يطبع عليها التصور الإنتاجي والبيعي، وفي الوقت
نفسه هناك غياب شبه كلي لثقافة التسويق الحديث؛ ومن ثم تركيز كل الج هود على العرض، دون الأخذ يعين
الاعتبار لحاجات ورغبات المستهلك أو المستعمل، مهملة بذلك عنصر البحث عن رضا الزبون.
وفي ظل سواد ثقافة العرض على حساب ثقافة التسويق المعاصر التي تعتبر المستهلك والمجتمع هو
نقطة البداية في تخطيط أنشطة المؤسسة، فقد أدى هذا إلى انخ فاض الطلب على منتجات أغلب المؤسسات، نتيجة
لشدة المنافسة من جهة، ومن جهة أخرى عدم امتلاك القدرة التنافسية، مما أدى إلى حرمان المؤسسة الجزائرية
من الحصول مزايا تنافسية، لتجد معظم المؤسسات في النهاية نفسها أنها تنتج منتجات ليست ذات جودة،
وأسعارها مرتفعة نسبيا؛ وللإشارة استطاعت بعض المؤسسات تحقيق ميزة تنافسية لأنها تبنت إستراتيجية
التكيف مع محيطها الجديد، وانتهجت سبيل التحسين المستمر لمنتجاتها، مما جعلها تتمكن من تدنية تكاليفها.
إذا يجب على المؤسسات الجزائرية أن تتبنى ثقافة الميزة التنافسية، لكي تكون بمثابة الد افع لها نحو
امتلاك القدرة على التنافس، وهذا كله يعتمد بالأساس على كفاءة وفعالية تسييرها لقدراتها وكفاءاتها خاصة منها
المحورية، فما هي الإجراءات المتخذة في هذا المجال؟
-2.3 إجراءات تحسين القدرة التنافسية للمؤسسة الجزائرية.
لقد تبنت الجزائر مجموعة من الإجر اءات بهدف تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات في ظل البيئة
التنافسية الجديدة، ومن ثم تحقيق مزايا تنافسية؛ تلخصت هذه الإجراءات في بعدين، الأول يتعلق بميدان
الاستثمار، وهو يتمثل في برنامج تأهيل المؤسسة تحت إشراف وزارة الصناعة وإعادة الهيكلة وبمشاركة وزارة
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والثاني يمس الموارد البشرية، ويتعلق ببرنامج نظام التكوين تحت وصاية
وزارة التكوين المهني.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
268
-1.2.3 برنامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
يهدف هذا البرنامج إلى تحسين الجودة، وتبني الأدوات الحديثة في التسيير الإستراتيجي، مثل التشخيص
الإستراتيجي لجوانب القوة والضعف في المؤسسة؛ ويركز هذا البرنامج على دعم وتكثيف الاستثمارات المادية
وغير المادية( مثل التكوين، المعرفة، نظام المعلومات…) من أجل اكتساب التكنولوجيا الحديثة والتحكم فيها.
إذا في إطار هذا البرنامج المؤسسة مطالبة بحيازة القدرة على التنافس الصناعي، والتي تعني قدرة
المؤسسة على المنافسة من حيث الجودة، الكفاءة، والفعالية، حتى تؤمن شروط البقاء والاستمرار في السوق.
وتتمثل أهم مراحل تنفيذ هذا البرنامج في:
- المرحلة الأولى، التجزئة الإستراتيجية الإجمالية للمؤسسة؛ وتحتوي هذه التجزئة على ج مع المعلومات
الأساسية عن المؤسسة، وإعداد نمط التجزئة الإستراتيجية الملائم من خلال دراسة وضعية المؤسسة في السوق،
بالاعتماد على وضعيتها التنافسية والإستراتيجية ووضعية مواردها البشرية …؛ بعد ذلك تبني وتطبيق
إستراتيجية لتطوير المؤسسة من خلال تحديد تشكيلة المنتج ات والأسواق الأكثر مردودية، وسيناريوهات
المواجهة.
- المرحلة الثانية، تتمثل في دعم تنفيذ برنامج التأهيل، من خلال عدة خطوات تتلخص في : تقديم
المؤسسة لملف يتضمن طلب مساعدة مالية في إطار ‘‘ صندوق تطوير التنافسية الصناعية ‘‘، ثم معالجة الملف
من طرف المصالح التقن ية للجنة الوطنية للتنافسية الصناعية ( CNCI )، بعدها يقدم الملف إذا قبل حسب
المعايير المحددة إلى اللجنة الوطنية للتنافسية الصناعية ليقبل نهائيا أو يرفض.
-2.2.3 إصلاح منظومة التكوين والتمهين.
نظرا للمكانة الهامة التي تحتلها الاستثمارات غير المادية في برنامج التأهيل، أصبح من الضروري
الاهتمام بالموارد البشرية وتطويرها في المؤسسة؛ فتكييف نظام التعليم وفقا لاحتياجات السوق، واعتماد
المعرفة، يعتبر من الدعائم الرئيسة لتطوير القدرة التنافسية وتهيئة المؤسسة للمنافسة؛ وتتلخص إستراتيجية
إصلاح منظومة التكوين والتمهين في الجزائر في الجوانب التالية:
- تشخيص وضعية نظام التكوين والتمهين بغية الوقوف على نقاط الضعف؛
- وضع مخطط إستراتيجي لتحسين وتأهيل منظومة التكوين؛
- تمويل التكوين والتمهين المتواصل.
-3.2.3 الاهتمام بالكفاءات البشرية.
لقد تزايد الاهتمام الذي توليه المؤسسات والم نظمات للكفاءات البشرية مع تأكيد دور هذه الكفاءات عبر
الزمن، فالعمال في المؤسسة ينقسمون إلى فئات حسب مهامهم، اختصاصاتهم ومسوؤلياتهم، فهناك الإداريون،
التقنيون والأعوان؛ وكلهم يستطيعون المساهمة في الأنشطة والمهام، خاصة مجال الإبداع التكنولوجي، غير أن
الذين ي باشرون المهام التقنية والإنتاجية يضطلعون بدور أكبر، وعليه يكون الاهتمام بهؤلاء ضروريا؛ وتوجد
عدة طرق معتمدة حاليا في بعض الدول خاصة منها الصناعية، تتمثل في : محاولة جمع الآراء والأفكار
باستمرار.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
269
في إطار هذا السياق أصبح من الضروري الاكتفاء التسيير العادي بل يجب على المؤسسة أن تتعداه إلى
ما يطلق عليه ب‘‘ تسيير الاابتكارية- Management de Créativité ‘‘، هذه الابتكارية تأتي من أفكار
وآراء المبتكرين( .( Les créatifs
ويمكن تحفيز المبتكرين في المؤسسة عن طريق ثلاثة عوامل: xv
- الرغبة في البحث والابتكار؛
- الإدارة بصفة خاصة من جراء تعظيمهم؛
- الإثارة والفخر في أن يكونوا طرفا في ابتكار ناجح.
ومن أجل إدارة جيدة للإبداع في المؤسسة، ينبغي توفير ظروف وشروط معينة للمبتكرين، تكون لهم
بمثابة الحافز في تأدية أعمالهم وإنجاز أهدافهم المخططة، منها: xvi
- ترك بعض الحرية في الوقت، لأن م نهم من يركز على عمله في أوقات متأخرة من الليل، أو خارج
أوقات العمل بالمؤسسة؛
- بعث الثقة في أنفسهم خاصة في مجرى حياتهم، والحصول على التقديرات والشهادات، وتمكينهم من
المشاركة في الملتقيات والندوات العلمية…؛
- رفع الروح المعنوية لديهم، وتشجيعهم في إطار عملية البحث؛
- تمكينهم من الوسائل اللازمة للبحث والتطوير.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرص الإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
270
i- M. PORTER, 1993, p.48
ii - أنظر/ نبيل مرسي خليل، 1998 ، ص 37 .
iii - أنظر/ عبد السلام أبو قحف، 2001 ، ص 428 .
iv- iv- M. PORTER, 1993, p.48
iv- M. PORTER, 1993, op.cit, p.78
v- G. GARIBALDI, 1994, pp.95-96
vi- vi- M. PORTER, 1986, p.85
vii - بوشناف عمار، 2001 ، ص ص 19 - 20 .
viii- viii- M. PORTER, 1986, p.48152
ix - بوشناف عمار، مرجع سابق، ص ص 25 - 26 .
x - قويدري محمد، 2002 .
xi - كربالي بغداد، 2002 .
xii - أنظر/كمال رزيق وأبو زعرور عمار، 2002 .
xiii - أنظر/فريد راغب النجار، 1997 ، ص ص 123 - 124 .
xiv- J. L. ARREGLE, 1996, p.26
xv- J. BRILMAN, 2001, P.170
xvi- Ibid, pp. 170-171
مـنـديــــــــــــــــــات أنيـــــم :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى العلوم الإقتصادية و علوم التسيير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى